عبد الإله حمدوشي يكتب: ملتقى بلا “بادج”!
منذ 7 أيام، وأنا أرغب بالكتابة لك أيها “الملتقى” (الملتقى الوطني لشبيبة العدالة والتنمية).. لكن لم أجرؤ على ذلك.. لم أجرؤ أيها الضيف الطيب.. أيها الصديق العزيز على أمثال هذا الرجل القلق.. هذا الشاب المحاصر بأسئلة مختلفة الأحجام يخترعها بشكل مستمر.. أسئلة متجددة ومستمرة لا تنضب…
كيف حالك يا صديقي! كيف تشعر وأنت كنت الضيف المُنتظر من قبل كل هؤلاء الشباب المتعطش لمقارعة الأفكار والمحاورة.. هؤلاء الجوعى الذين استقبلوك هذه المرة بلا “بادجات” ملونة، ولا قبعات، ولا كراسات أو محفظات عليها رمز شبيبة العدالة والتنمية، ولا طقوس خدمة المشاركات والمشاركين وقت الوجبات، ومعارض الكتاب، التي يهبون إليها وقت قدومك.. هؤلاء الحيارى الذين ترقبوا أخبار الإعلان عنك، وهم يتابعون مستجدات الحالة الوبائية بالمغرب، ويتحسسون وجهوهم، ليتأكدوا من ارتدائهم للكمامات والتزامهم بالتوجيهات.. كيف حالك وأنت تراهم يتابعون جديدك عن بعد، بشغف الحالمين بغد أفضل ووطن أجمل.. وهم يعاتبون المسؤولين بلا مجالمة، ويدلون بآرائهم وتقديراتهم السياسية بلا حسابات، وبوجه مكشوف، وقلب حالم..!
كيف حالك يا صديقي المودع.. يا صديقي الحي بداخلنا.. هل تعرف لماذا نحن سعداء هذه السنة بك كثيرا؟.. إن كنت لا تعرف.. سأجيبك: أولا، لأنك لم ترغمنا على دفع “واجب المشاركة” كما كنت تفعل كل سنة، فنأتيك وندفع المبلغ المالي المطلوب ونحن نقهقه بكل فرح.. أنا أمزح فقط.. وثانيا؛ لأنك أصريت على القدوم هذه السنة أيضا، بالرغم من الظروف الحرجة التي تعيشها بلادنا والعالم…
إن الكثير من الناس لا يعرفون قيمة الحماس والأمل والتجدد التي تصنعه فعالياتك.. تلك التي تجعل المرء قادرا على إلتقاط كل المشاهد العجيبة حوله والمخفية عنه.. كثيرون لا يستوعبون فكرة أن نتسابق للمشاركة.. ويتساءلون عن السبب الذي يجعلنا ننفق أسبوعا كاملا في متابعة فعالياتك ومناقشة السياسة وأحوال البلد، والتفاعل معها بلا ملل..!
ربما لأنهم لا يفهمون أن علاقتنا بهذا الوطن كأبناء بررة، علاقة عميقة.. إنه وطن يحدونا قلق بالغ حوله، وحول مستقبله، ومستقبل أبنائه.. لسنا مهتمين بأن يعرف هو ذلك، ولا يهمنا بالأساس أن نظهر على الشاشات، وليست غايتنا أن ننظم من أجل الاستهلاك الإعلامي أو ماشابهه.. نحن نريد خدمة -هذا الوطن- بشكل مباشر.. حيث العقل الذي يفكر من أجله، والقلب الذي يخشى على مصالحه.. والظهر الذي يحمل، والأذرع التي تشد.. نريد أن نقدم له الدعم الحقيقي بفعل ما واضح وصريح.. كأن ندعو -مثلا- أبناءه إلى الالتزام بالإجراءات الاحترازية لمواجهة وباء كورونا، مرددين بكل فخر وحماسة: “أحميك وطني”…
نحنُ شباب لا يتخلف عن مواعيده، ولا يتنازل عن واجباته اتجاه هذا الوطن.. شباب لا يمل أبدا ولا يتراجع.. يبقى يناضل من أجل مبادئه في السراء والضراء.. في الشدة والرخاء.. في كل الحالات التي قد تخطر على البال.. لا يهوي أبدا أمام مختلف التحديات ولا يسقط.. وحتى إن قرر القدر يوما سقوطنا.. سيكون سقوطنا بذات العظمة التي نسمو بها…
أنا حزين على فراقك أيها الملتقى الـ16.. حزين لأنني رجل ترعبه فكرة الشبع أكثر من الجوع نفسه.. مازال هناك الكثير مما أود قوله وسماعه.. مازالت عندنا أسئلة كثيرة عالقة تحتاج لمن يجيب.. عزائي الوحيد هو أن هناك سنة قادمة ستزورنا فيها لا محالة إن بقينا على قيد الحياة…
إلى الملتقى القادم بإذن الله.. إلى ملتقى جديد نعيد فيه ذكريات ارتداء “البادج” والقبعة وعناق الأحبة، ورفع شارات النصر والصدح بشعارات حب وطن لا وباء فيه ولا حزن…
كل عام وبلادنا بخير…