حزب العدالة والتنمية يوجه رسالة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد خطابه في البرلمان
حزب العدالة والتنمية
رسالة مفتوحة إلى فخامة السيد إيمانويل ماكرون
رئيس الجمهورية الفرنسية
الثلاثاء 29 أكتوبر 2024
السيد الرئيس،
لقد تابعنا باهتمام الخطاب الذي ألقيتموه يوم الثلاثاء 29 أكتوبر أمام مجلسي البرلمان بالمملكة المغربية، بمناسبة زيارتكم الرسمية للمغرب.
بداية، نود أن نعرب لكم عن ارتياحنا الكبير لخطابكم في مضمونه المتعلق بعلاقات الصداقة التاريخية والاحترام المتبادل التي تربط المغرب وفرنسا، وبالآفاق الواعدة التي تفتحها هذه الزيارة، والتي توجت بالتوقيع على الإعلان المتعلق بـالشراكة الاستثنائية الوطيدة بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية.
ونرحب، على وجه الخصوص، بموقف فرنسا الواضح والصريح بشأن الصحراء المغربية، والذي عبرتم عنه في رسالتكم إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم 30 يوليوز، وأكدتموه مجددا في خطابكم أمام البرلمان يوم الثلاثاء 29 أكتوبر بقولكم: “بالنسبة لفرنسا فإن حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية.” وأن “الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية وأن مخطط الحكم الذاتي لسنة 2007 يشكل الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومتفاوض عليه…”
لكن، ومع التذكير، بإن المغرب والمغاربة، وكما أكد ذلك جلالة الملك مرارا وتكرارا، يضعون دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية. وفي هذا الصدد، نود أن نعرب لكم عن استغرابنا الشديد من محتوى خطابكم بشأن حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل في غزة، وخاصة تأكيدكم على أن “07 أكتوبر 2023 شكل هجومًا همجيًا فظيعًا بشكل خاص، تم ارتكابه من طرف حماس ضد إسرائيل وشعبها، وأن من حق إسرائيل أن تدافع عن شعبها ضد مثل هذا التهديد…”
السيد الرئيس،
حماس، ومثل حركة التحرير الوطني في المغرب، والقوات الفرنسية الحرة في فرنسا، وجبهة التحرير الوطني في الجزائر، والعديد من حركات التحرير في العالم…، كانت وستظل حركة مقاومة تمارس حقها المشروع والذي يقره القانون الدولي لجميع الشعوب للدفاع عن نفسها وأرضها ضد الاحتلال والإبادة. وحماس وكافة فصائل المقاومة الفلسطينية تقاوم عن حق ضد الاستعمار والاحتلال والتطهير العرقي والإحلال الكبير والإبادة الجماعية، وضد كل هذه العمليات الهمجية التي ترتكبها إسرائيل، والتي لا يعود تاريخها إلى 07 أكتوبر 2023، بل ابتدأت منذ زمن بعيد واستمرت ودون انقطاع لأكثر من 76 عامًا.
وغني عن القول أن ما تفعله إسرائيل ككيان استيطاني يحتل أرض فلسطين بشكل غير قانوني، لا علاقة له بالحق في الدفاع عن النفس، وأن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل على مدى عقود من الزمن، والإبادة الجماعية الوحشية التي ترتكبها إسرائيل بالخصوص منذ 7 أكتوبر 2023، و”خطة الجنرالات” الجارية في شمال غزة منذ أسابيع ليس لها مثيل في تاريخ الوحشية. وفي هذا الصدد، فإن وصفكم لهذه الفظائع بأنها “الحق في الدفاع عن النفس ضد مثل هذا التهديد…” يشكل ظلماً كبيرا وإهانة شنيعة للشعب الفلسطيني المضطهد منذ عام 1948 على الأقل، ولمئات الآلاف من النساء والأطفال المدنيين الذين أبادهم الجيش الإسرائيلي أو شوههم منذ 7 أكتوبر 2023، وتشجيع وترخيص بالقتل لجيش الاحتلال الهمجي على مواصلة هذا التطهير العرقي وهذه المذابح غير المسبوقة.
ولقد سبق لكم أن انتقدتم وعن حق، في خطابكم يوم الخميس 24 أكتوبر الماضي في المؤتمر الذي نظم في باريس من أجل لبنان، الهمجية التي زرعتها إسرائيل والإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي تمارسه في فلسطين وفي لبنان بإعلانكم “نتحدث كثيرا عن حرب حضارية (…) لست متأكدًا من أننا ندافع عن الحضارة ونحن نزرع بأنفسنا الهمجية”.
السيد الرئيس،
فرنسا، بلد إعلان حقوق الإنسان والمواطن الذي أقر الحق في مقاومة الاضطهاد؛
فرنسا أرض المقاومة ضد النازية؛
فرنسا، شعب الحرية والأخوة، والبلد الصديق والقريب من المنطقة، ولا سيما من لبنان؛
تتحمل مسؤولية تاريخية عن قلب الحقائق والتاريخ والمسؤوليات، وإزاء المآسي الإنسانية وجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال والجيش الإسرائيلي بشكل منهجي ضد النساء والأطفال المدنيين، وتدمير البنية التحتية الحيوية بشكل منهجي ودون أدنى تردد من منازل ومستشفيات ومدارس ودور العبادة، والحصار ومنع الغذاء والماء والأدوية المستخدم كأسلحة حرب وإبادة، وآخرا وليس أخيرا حظر “الكنيست” للأنشطة الإنسانية لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
ولذلك، فإنه من الملح جدا التحرك وبسرعة، ومن الواجب والمسؤولية التاريخية والأخلاقية والقانونية للمجتمع الدولي، وخاصة القوى العظمى مثل دولتكم، تقديم المساعدة للشعب الفلسطيني المعرض لخطر الإبادة والترحيل، واتخاذ قرارات وخطوات لا لبس فيها لإدانة إسرائيل والضغط عليها لكي تنهي فوراً سياسة الفصل العنصري والإبادة الكلية في غزة، وكل فلسطين، ولبنان.
كما أنه من الملح للغاية أن يعمل المجتمع الدولي على تصحيح الخطأ التاريخي والظلم الكبير الذي ارتكبه في عام 1948، من خلال تأسيس كيان استعماري على أساس كذبة استعمارية وإمبريالية مفضوحة تحت شعار “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، هذا الكيان الاستعمارية الذي هو أساس كل الفوضى والكوارث المستمرة منذ ذلك التاريخ في فلسطين وفي المنطقة وفي العالم، وذلك بقيام الدولة الفلسطينية دون تأخير ودون شروط، دولة فلسطينية حرة ومستقلة على أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، وهو حق الشعب الفلسطيني المشروع وغير القابل للتصرف، والذي بدونه لا يمكن تحقيق السلام والذي من أجله تبقى كل مقاومة مشروعة.
الإمضاء
ذ. عبد الإله ابن كيران
الأمين العام لحزب العدالة والتنمية